اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 364
(254) أحدها: أنها نزلت في النجاشي، لأنه لما مات صلّى عليه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال قائل: يصلي على هذا العلج النصراني، وهو في أرضه؟! فنزلت هذه الآية، هذا قول جابر بن عبد الله، وابن عباس، وأنس. وقال الحسن، وقتادة: فيه وفي أصحابه.
والثاني: أنها نزلت في مؤمني أهل الكتاب من اليهود والنصارى، روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد. والثالث: في عبد الله بن سلام، وأصحابه، قاله ابن جريج، وابن زيد، ومقاتل. والرابع: في أربعين من أهل نجران، وثلاثين من الحبشة، وثمانية من الروم كانوا على دين عيسى، فآمنوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، قاله عطاء [1] .
قوله تعالى: وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ يعني: القرآن، وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ يعني: كتابهم. والخاشع:
الذليل. لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا أي: عرضاً من الدنيا كما فعل رؤساء اليهود. وقد سلف بيان سرعة الحساب.
[سورة آل عمران (3) : آية 200]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: نزلت في انتظار الصّلاة بعد الصّلاة، وليس يومئذ غزوٌ يرابَط.
وفي الذي أمروا بالصبر عليه خمسة أقوال: أحدها: البلاء والجهاد، قاله ابن عباس. والثاني:
الدين، قاله الحسن، والقرظي، والزجاج. والثالث: المصائب، روي عن الحسن أيضاً. والرابع:
الفرائض، قاله سعيد بن جبير. والخامس: طاعة الله، قاله قتادة.
وفي الذي أمروا بمصابرته قولان: أحدهما: العدو، قاله ابن عباس، والجمهور. والثاني: الوعد الذي وعدهم الله: قاله عطاء، والقرظيّ.
ذكره الواحدي في «أسباب النزول» 287 بدون إسناد. عن جابر وابن عباس وأنس وقتادة، وعزاه الحافظ في «تخريج الكشاف» 246 للثعلبي عن ابن عباس وقتادة.
- وخبر جابر، أخرجه الطبري 8376 وفيه رواد بن الجراح، وهو ضعيف. وورد بنحوه من حديث أنس أخرجه النسائي في «التفسير» 108 و 109 والبزار «كشف الأستار» 382 والطبراني في «الأوسط» 2688 والواحدي 288 ورجاله ثقات كما قال الهيثمي في المجمع 3/ 38، وصلاة الرسول على النجاشي ثابتة في «الصحيحين» دون هذه القصة. انظر البخاري 1333 ومسلم 951. [1] قال أبو جعفر الطبري رحمه الله في «تفسيره» 3/ 560 (آل عمران: 199) : فإن قال قائل: فما أنت قائل في الخبر الذي رويت عن جابر وغيره: أنها نزلت في النجاشي وأصحابه؟
قيل: ذلك خبر في إسناده نظر. ولو كان صحيحا لا شك فيه، لم يكن لما قلنا في معنى الآية بخلاف.
وقد تنزل الآية في الشيء، ثم يعم بها كل من كان في معناه. فالآية وإن كانت نزلت في النجاشي، فإن الله تبارك وتعالى قد جعل الحكم الذي حكم به للنجاشي، حكما لجميع عباده الذين هم بصفة النجاشي في اتباعهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والتصديق بما جاءهم به من عند الله، بعد الذي كانوا عليه قبل ذلك من اتباع أمر الله فيما أمر به عباده في الكتابين، التوراة والإنجيل.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 364